الجمعة، 6 أبريل 2012

إختار المسامير - قراءات لأسبوع الآلام، الحلقة الأولى


اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ،
لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ،
إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ،
حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ،
لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ،
الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا،
حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ،
إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ،
لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ،
لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ،
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ،
فِي ذَاكَ الَّذِي فِيهِ أَيْضًا نِلْنَا نَصِيبًا،
مُعَيَّنِينَ سَابِقًا حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ.
(أفسس 4:1-7 , 9-11)



1. أفعلتَ هذا، لأجلي؟

وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.‏
(رومية 23:6)
فَشُكْرًا ِللهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا.‏
(2 كورنثوس 15:9)
لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ.
(1 بطرس 4:1-5)
كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ. شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ.
(يعقوب 17:1-18)

عجباً!ما نبذله في سبيل اسعاد مَن نحب.
ونكرر ما نفعله مرات ومرات، رغم صعوبته أو تكلفته أو... إلخ. فبعد أن عصرنا كرمة الخدمة، نرتوي من ألذ خمور الحياة – نبيذ العطاء.
نحن في أفضل حالاتنا متى نعطي من قلوبنا، فنكون في أقرب صورة لله.
لِمَ أعطانا الله كل هذا؟ تفاصيل كثيرة من المحيطة بنا يمكننا أن نعيش وأن تستمر الحياة بدونها. كان يمكن لله أن يخلق العالم رمادي اللون بلا مباهج، وما كنا لنعرف الفرق.لكنه لم يفعل.
فقد سكب البرتقالي في الشروق
وصب السماء زرقاء
وإن تبهجك رؤية الطيور متجمعة في سرب بهي
ابشر، فسترى ذلك متى شخصت للسماء
لِمَ يبدع ذيل الطاووس؟
لِمَ يخلق للطير شدوه؟
ومشية الدجاجة المضحكة
وعظمة الرعد لما يرن
لِمَ يزين الزهر عطراً؟ لِمَ يهب للأكل طعماً؟
أيكون ذلك كله
لأنه يعشق رؤية تلك الابتسامة على وجهك ؟
إن كنا نقدم الهدايا تجسيماً لمحبتنا، فكم بالحري هو؟ إذا كنا نحن – وطبيعتنا المشوهة بالطمع والأنانية – نحب إعطاء الهدايا، فكم وكم الله الطاهر البار؟
سأل المسيح: "فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!"(متى 11:7).
كل عطية تظهر محبة الله، لكن لا توجد عطية مظهرة لمحبته أوضح من عطايا الصليب.
لقد أخذناهم ملفوفين، لا في ورق لامع ملون، بل في آلام. ما كانوا موضوعين في علبة مزينة، بل على خشبة صليب. لم تتحلَ تلك الهدايا بالألوان والكروت والإهداءات، بل كانت مرشوشة بالدم.
عطايا الصليب.
لقد قيل الكثير عن عطية الصليب نفسه - لكن ماذا عن الباقيات؟ المسامير؟ إكليل الشوك؟ الرداء؟ الأكفان؟
هل فكرت أن تفتح هذه الهدايا؟
لم يكن مضطراً لهذا كله، كما تعلم. الشرط الوحيد كان سفكَ الدم. لكنه فعل الكثير. دقق في مشهد الصلبوت، فماذا تجد؟
أسفنجة خل.
عنواناً معلقاً.
صليبين على جانبي المسيح.
عطايا إلهية هدفها اثارة تساؤل بداخلك : "هل فعلتَ هذا، لأجلي؟"
هل يمكن أن تكون الجلجثة عامرة – إلى جانب الصليب نفسه – بالعطايا الإلهية هكذا؟
هيا نتفحصها؛ نفتح معاً تلك الهدايا الإلهية، وكأنها لأول وهلة.
وبينما تلمس تلك الهدايا – تلمس خشونة الصليب وبرودة المسامير ووخز الشوك وسنان الرمح – تمهل واستمع.
ستسمعه يهمس فى أذنك :
"قد فعلتُ هذا لأجلك."
+++

2. سأتحملُ جانبَك المظلمَ - الوعد الالهي في بصاق الجند



نَأْمَةُ مَعْصِيَةِ الشِّرِّيرِ فِي دَاخِلِ قَلْبِي أَنْ لَيْسَ خَوْفُ اللهِ أَمَامَ عَيْنَيْهِ.
(مزمور 1:36)
اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟
(إرميا 9:17)


كلنا يعرف قصة الجميلة والوحش.
ترى كيف كان مصير الوحش لو لم تظهر الجميلة؟
القصة معروفة. في يوم ما كان الوحش صبوح الوجه وجميل القصر. كان هذا قبل اللعنة، قبل أن تخيم الظلال على قصره، وقبل أن تسقط اللعنة على قلبه. وإذ خيم الظلام عليه، اختبأ في قصره الملعون.
منعزل في قصره، لم يبقَ للوحش سوى وجه قبيح وأنياب مكشرة - ومزاج عكر.
لكن تغير كل هذا حين ظهرت الفتاة. فترى ماذا كان مصير الوحش لو لم تظهر الجميلة؟
بل ترى ماذا كان مصير الوحش لو لم تهتم الجميلة؟
من كان ليلومها لو لم تهتم به؟ فقد كان... وحشا! أثعش الشعر. مقزز الملامح. متبجح.أما هي، فقد كانت حقاً جميلة. رائعة. حانية. حقاً، إنهما "إسم على مسمى":الجميلة و الوحش.
ولأن الجميلة أحبت الوحش، صار الوحش نفسه أكثر جمالاً.
ربما تبدو القصة مألوفة. مألوفة لأنها تذكرنا بأنفسنا، إذ بداخل كل منا"وحش".
لم يكن هذا أصل الحال. يوماً ما كان وجه البشرية بريئاً وقصرها نيراً. لكن كان هذا قبل اللعنة، قبل أن تتفشى الظلال في طبيعتنا. ومنذ حلول تلك اللعنة ونحن مختلفون –تغيرنا – نفعل أشياء نعلم أننا لا ينبغى أن نفعلها، ثم نتساءل : لِمَ فعلناها؟
كثيرا ما نتصرف تصرفات لا تمت لمسيحيتنا الحقة بصلة، ثم يطفو إلى السطح تساؤل: لِمَ فعلتُ هذا؟
لا تقلق، فلست وحدك الذي يعيش ذلك التناقض؛ إنك في صحبة جيدة. فقد قال بولس الرسول: "لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ، إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ"(رومية 15:7). ألا تصف هذه الآية ذلك الشعور؟
ليس بولس وحده مَن صارع ذلك الوحش الكامن داخلاً. يصعب أن نجد صفحة في الكتاب المقدس لا يطل منها الوحش برأسه؛ شاول الملك يطارد داود. شكيم يغتصب دينا. أبناء يعقوب يقتلون شكيم ورفاقه. هيرودس يذبح أطفال بيت لحم.
وتجلى الوحش يوم مات المسيح.
كان التلاميذ سراع إلى النوم ثم سراع إلى الهرب.
طلب هيرودس عرضاً سحرياً.
أراد بيلاطس منصبه.
والجنود؟ أرادوا دماً.
فجلدوا يسوع. كان سوط الجلاد مكوناً من سيور جلدية مثبت بها قطع معدن أو عظام مسننة. وكان هدف الجلد واحداً: إضرب المتهم حتى حافة الموت، ثم توقف. كان مسموحاً بحد أقصى تسعة وثلاثين جلدة، لكن قلما كانت هناك ضرورة لهم. كان يسوع يصارع الموت حين حلوه لينهار على الأرض.
كان الجلد أول أعمال الجند، والصلب ثالثهم (لم أتجاهل الثاني. سنعود له لاحقاً). رغم أن ظهره كان ممزقاً من الجَلد، إلا أن الجنود حمّلوه الصليب وساقوه حتى الجلجثة، وهناك أعدموه.
لا تعاب على العسكر تلك الفعلتان. على كلٍ، كانتا أوامر عسكرية.لكن ما يصعب فهمه هو ما اقترفه الجند بين العملين.
هاكم ما قاله الانجيلي متى:
"وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ.وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ:"السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!" وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ" (متى 26:27-31).
كانت مهمة الجند بسيطة: خذوا الناصري إلى الجبل وأعدموه. لكنهم أرادوا قسطاً من التسلية. فأحاط جنود أقوياء مسلحون بنجار جليلي منهك القوى شبه ميت واستهزأوا به.
كان الجلد أمراً. وكان الصلب واجباً. لكن ما وجه المتعة والترفيه في البصق على ذلك الجليلي المنهك القوى؟
ليس هدف البصق الأذى البدني – إذ أنه لا يقدر على إيذاء البدن. يهدف البصق إلى إذلال النفس. فماذا كان العسكر فاعلين؟ كانوا يعلون من شأنهم على حساب آخر. لقد احسوا بعظمتهم مقابل إظهار يسوع تافهاً ذليلاً.
أما فعلت ذلك من قبل؟ ربما لم تبصق بمعنى الكلمة الحرفي، لكن، ألم تقع في خطية النميمة؟ الذم؟ ألم يحدث أن احتقرت شخصاً ما كي تعلي من شأنك؟
فهذا ما فعله العسكر بيسوع. ومتى فعلنا مثل ذلك، فإننا نفعله بالمسيح؛ ولنتذكر دائماً: "بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ" (متى 40:25).
"لكن هذا حكم في غاية الصعوبة!" أسمعك تعترض. الشعور متبادل. لكن ينبغي أن نواجه الأمر الواقع؛ يوجد بداخل كل منّا وحش. شئ ما يحملنا على أعمال نتعجب منها حين نراجع أنفسنا. ألم تفاجئ نفسك في موقف ما؟ أما تأملت وتساءلت عن فعلة: ماذا دفعني لذلك؟
الكتاب المقدس يرد على ذلك التساؤل بكلمة واحدة: "الخطية".
هناك شئ سئ بداخلنا. نحن " بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاء الْغَضَبِ" (أفسس 3:2).
هذا لا يعني أننا فاقدو القدرة على فعل الخير بالمرة، بل أننا لا نقدر على منع أنفسنا تماماً عن الشر. فرغم أننا مخلوقون على صورة الله، إلا أننا سقطنا. فها هو المرنم يقول: "هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي" (المزمور 5:51).وهل لنا قول غير ذلك؟ كل منا مولود بميل طبيعي للخطية.
يقول الكتاب – بوضوح – في هذا الشأن:
"كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ"(إشعياء 6:53).
"اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟‏" (إرميا9:17).
"أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ" (رومية 10:3 و23).
ربما لا يتفق البعض مع كلمات ثاقبة كتلك، فينظر حوله ويقول:
"مقارنةً بمن حولي، أنا إنسان مثالي على أفضل حال". سامحنى، ولكن الدابة لو نظرت إلى زميلاتها بالزريبة لها أن تقول: أنا في نظافة من حولي. مقارنة بالبشر، هذه الدابة تحتاج الغوث. مقارنة بالله، نحن البشر نحتاج المثل. فليس مقياس البر في زرائب الأرض، بل عند عرش السماء. الله، ذاته، هو المقياس.
نحن خطاة. كما قال ميشيل دي مونتاني: "لا يوجد رجل صالح، اذا أخضعت كل أفكاره وأعماله للقوانين، ما استحق الشنق عشر مرات فى حياته".
أفعالنا قبيحة. أعمالنا قاسية. لا نفعل ما نريده، ولا نريد ما نفعله. والأسوأ من ذلك؛ مؤهلاتنا لا تساعدنا على التغير.
نحاول ونحاول. لكن، "هَلْ يُغَيِّرُ الْكُوشِيُّ جِلْدَهُ أَوِ النَّمِرُ رُقَطَهُ؟ فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَقْدِرُونَ أَنْ تَصْنَعُوا خَيْرًا أَيُّهَا الْمُتَعَلِّمُونَ الشَّرَّ!" (إرميا 23:13).
ويصدق الرسول على كلام النبي: "لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ ِللهِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ" (رومية 7:8).
ألا زلت معترضاً؟ هل تظنه تقييماً قاسياً؟ إن كان كذلك، فاقبل هذا التحدي. لمدة الأربع وعشرين ساعة القادمين، عِشْ حياة بلا خطية. فقط يوماً واحداً. هل تقدر أن تعيش يوماً واحداً بلا خطية؟
لا؟ ما رأيك أن نجرب ساعةً واحدة؟ أتعدنى أن تقضى ستين دقيقة في أفكار نقية وأعمال طاهرة؟
لا؟ ولا أنا أيضاً.
إذاً، فهناك مشكلة؛ نحن خطاة، و "أُجْرَة الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ" (رومية 23:6).
لدينا مشكلة : لسنا قديسين، أي تعوزنا "الْقَدَاسَة الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ" (عبرانيين 14:12).
ماذا لنا أن نفعل؟
فلنسمح لبصاق الجند أن يمثل القاذورات التي بقلوبنا، ثم لاحظ ما فعله المسيح بتلك القاذورات: لقد حملها على وجهه إلى الصليب.
قال يسوع المسيح فى النبي: "وَجْهِي لَمْ أَسْتُرْ عَنِ الْعَارِ وَالْبَصْقِ" (إشعياء 6:50).
لماذا لم يدبر الله غير ذلك؟ أعد التدبير الالهى سمعان لحمل الصليب عن المسيح، فلماذا لم يمسح البصاق؟ كانت الملائكة على بعد صلوة من المسيح. أما قدروا أن يزيلوا البصاق؟
كان فى مقدورهم. ولسبب ما، ذلك الذى إختار المسامير إختار أيضاً البصاق.
إلى جانب الحربة والاسفنجة وإكليل الشوك، وكلها من ملامح "التوحش" البشرى، حمل أيضاً البصاق.
لكن إلى هنا ينتهي التشابه بين قصة الخلاص وقصة الجميلة والوحش.
في القصة نجد الجميلة تُقَّبِل الوحش. في الإنجيل، فعلت الجميلة أكثر من ذلك. فنجدها وقد حلت محل الوحش، كي يصير الوحش جميلاً.فهو قد أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له. لقد أخذ المسيح مكاننا وأعطانا مكانته. كنا نحن، مثل آدم، تحت اللعنة، لكن يسوع "افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا" (غلاطية13:3).
ماذا لو لم تأت الجميلة؟
ماذا لو لم تهتم الجميلة؟
إذا لظللنا نحن وحوشاً.
لكن الجميلة أتت، واهتمت.
أخذ القدوس شكل الخطاة كى نصير نحن الخطاة قديسين.
+++








بقلم:ماكس لوكيدو
تعريب:افرايم القس بنيامين مرجان




الكتاب الأصلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق