الجمعة، 13 أبريل 2012

هل حقاً ذُكِرَ محمد في سفر نشيد الأنشاد كما قال ديدات




أولاً نقرأ نص الآية بالعربية، "المحرف" على حد قول ديدات:


حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ. هذَا حَبِيبِي، وَهذَا خَلِيلِي، يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ.‏

والنص العبري الأصلي (هنا).


وهذا قاموس العبرية (هنا).

مبدأياً، فلنضع "محمد" في مكانها المزعوم كما يدعي ديدات، ونرى إن كان للكلام معنى أم لا:


حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ محمد. هذَا حَبِيبِي، وَهذَا خَلِيلِي، يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ.


ماذا تعني؟! بل يصير الموقف أسوأ إذا أخذنا السياق كله (بدءاً من الآية 10):



حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ. مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ. رَأْسُهُ ذَهَبٌ إِبْرِيزٌ. قُصَصُهُ مُسْتَرْسِلَةٌ حَالِكَةٌ كَالْغُرَابِ. عَيْنَاهُ كَالْحَمَامِ عَلَى مَجَارِي الْمِيَاهِ، مَغْسُولَتَانِ بِاللَّبَنِ، جَالِسَتَانِ فِي وَقْبَيْهِمَا. خَدَّاهُ كَخَمِيلَةِ الطِّيبِ وَأَتْلاَمِ رَيَاحِينَ ذَكِيَّةٍ. شَفَتَاهُ سُوْسَنٌ تَقْطُرَانِ مُرًّا مَائِعًا. يَدَاهُ حَلْقَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، مُرَصَّعَتَانِ بِالزَّبَرْجَدِ. بَطْنُهُ عَاجٌ أَبْيَضُ مُغَلَّفٌ بِالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ. سَاقَاهُ عَمُودَا رُخَامٍ، مُؤَسَّسَتَانِ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ مِنْ إِبْرِيزٍ. طَلْعَتُهُ كَلُبْنَانَ. فَتًى كَالأَرْزِ. حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ محمد. هذَا حَبِيبِي، وَهذَا خَلِيلِي، يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ.



هل لها معنى يعقل هكذا؟



استغل ديدات جهل مستمعيه باللغات السامية (كالعربية والعبرية)، إنما نحن فنعرف فكرة "المصدر". نعرف أن "محمد" مصدرها "حمد". وبالمثل، في العبرية، "مخمديم" من المصدر "خمد". وما معنى "خمد"؟ يرشدنا القاموس إلى أن معناها "يشتهي الشئ أو يبتغيه" (هنا).


أي أن "مخمد" = مشتهى، والـ "إيم" الخاتمة هي للجمع = مشتهيات 



إدعى ديدات أن كلمة "مخمديم"هي إسم عَلَم name، وجمعه هو للاحترام، إذاً فهو ذكر لمحمد رسول الإسلام. بغض النظر عن أنها لا معنى لها في النص (إن افترضنا صحة قول ديدات)، نجد أن الكلمة تأتي في مواضع أخرى عديدة في النص العبري في صيغ مختلفة لأنها إسم عادي noun يجمع ويفرد ويؤنث ويذكر، والمعلوم أن إسم العلم لا يتبدل، فإن قلنا "أنت المحمدة" و "أنتم المحمدون" و "أنتم محمدونا" وهكذا، لا يكون هذا ذكراً لإسم "محمد"، بل هو وصف لأناس تُحمَد فيهم خصال طيبة. ومن هذا المنطلق، نجد مشتقات المصدر العبري "خمد" في مواضع وبصيغ مختلفة، نذكر منها مثلاً:


هوشع 16:9 " وَإِنْ وَلَدُوا أُمِيتُ مُشْتَهَيَاتِ بُطُونِهِمْ" 


 نفس الكلمة "مخمدي"، والختام "إي" للتعبير عن الملكية للجمع.


ملوك الأول 6:20 "فَإِنِّي فِي نَحْوِ هذَا الْوَقْتِ غَدًا أُرْسِلُ عَبِيدِي إِلَيْكَ فَيُفَتِّشُونَ بَيْتَكَ وَبُيُوتَ عَبِيدِكَ، وَكُلَّ مَا هُوَ شَهِيٌّ فِي عَيْنَيْكَ يَضَعُونَهُ فِي أَيْدِيهِمْ وَيَأْخُذُونَهُ"



جاءت هنا في صيغة المذكر المفرد "مخمد". ليست الكلمة إسم علم ممنوعاً من الصرف إذاً!


مراثي إرميا 10:1-11 "بَسَطَ الْعَدُوُّ يَدَهُ عَلَى كُلِّ مُشْتَهَيَاتِهَا، فَإِنَّهَا رَأَتِ الأُمَمَ دَخَلُوا مَقْدِسَهَا، الَّذِينَ أَمَرْتَ أَنْ لاَ يَدْخُلُوا فِي جَمَاعَتِكَ. كُلُّ شَعْبِهَا يَتَنَهَّدُونَ، يَطْلُبُونَ خُبْزًا. دَفَعُوا مُشْتَهَيَاتِهِمْ لِلأَكْلِ لأَجْلِ رَدِّ النَّفْسِ."



الأولي جاءت "مخمدي" والثانية "مخمديم"، مع اختلاف الملكية من جمع المؤنث والمذكر.


مراثي إرميا 4:2 "نَصَبَ يَمِينَهُ كَمُبْغِضٍ وَقَتَلَ كُلَّ مُشْتَهَيَاتِ الْعَيْنِ فِي خِبَاءِ بِنْتِ صِهْيَوْنَ."


"مخمدي" أيضاً – ليس إسم علم كما ادعي ديدات!


إشعياء 11:64 "بَيْتُ قُدْسِنَا وَجَمَالِنَا حَيْثُ سَبَّحَكَ آبَاؤُنَا، قَدْ صَارَ حَرِيقَ نَارٍ، وَكُلُّ مُشْتَهَيَاتِنَا صَارَتْ خَرَابًا."



جاءت هنا "مخمدينو". مرة أخرى؛ هل يتغير إسم العلم بالجمع والتذكير والإفراد والتأنيث إلخ؟


أخبار الأيام الثاني 19:36 "وَأَحْرَقُوا بَيْتَ اللهِ، وَهَدَمُوا سُورَ أُورُشَلِيمَ وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ قُصُورِهَا بِالنَّارِ، وَأَهْلَكُوا جَمِيعَ آنِيَتِهَا الثَّمِينَةِ."

"مخمدي"!
حزقيال 16:24، 21، 25 "يَا ابْنَ آدَمَ، هأَنَذَا آخُذُ عَنْكَ شَهْوَةَ عَيْنَيْكَ بِضَرْبَةٍ، فَلاَ تَنُحْ وَلاَ تَبْكِ وَلاَ تَنْزِلْ دُمُوعُكَ... هأَنَذَا مُنَجِّسٌ مَقْدِسِي فَخْرَ عِزِّكُمْ، شَهْوَةَ أَعْيُنِكُمْ وَلَذَّةَ نُفُوسِكُمْ... وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، أَفَلاَ يَكُونُ فِي يَوْمٍ آخُذُ عَنْهُمْ عِزَّهُمْ، سُرُورَ فَخْرِهِمْ، شَهْوَةَ عُيُونِهِمْ وَرَفْعَةَ نَفْسِهِمْ"


"مخمد" و "مخمد" و "مخمد". ما رأيك عزيزي القارئ؟ لماذا لم يعتبرهم ديدات ذكراً لمحمد؟


فإلى جانب كل ما سبق وإظهار أن "مخمديم" الواردة في نشيد الأنشاد هي مجرد شكل من أشكال المصدر "خمد" وليست إسم عَلَم كما ادّعى ديدات، فلنفترض جدلاً صدق ديدات، ولنضع "محمد" مكان "مخمد" في أي آية مما جاء أعلاه، ولنرى إن كان لها معنى. يبدو أن الرجل انتقى أقرب واحدة فيهم تجعل المعنى يستقيم، ولفقها.


وإذا طبقنا منطق ديدات، قد يأتي هندوسي فيقول إن سورة (الروم 1) "غُلِبَتِ الرُّومُ" تشير إلى صنمه "رام" لأن مصدر "الروم" هو "رام"! أو نقول أن نفس الآية من نشيد الأنشاد، حين تقول "دودي" فهي تتكلم عن "داود"، لأن داود بالعبري "دود" (هنا)!


وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ.
(يوحنا 32:8)




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق